سايبردودو و السلمون (1-54(
يوجد في عائلة السلمونيات أنواع متعددة من الأسماك، ويتراوح توزعها الجغرافي على نطاق واسع جداً، من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي.
فالسلمون هو من الأسماك التي تولد في الماء العذب ثم تنتقل إلى المياه المالحة لتقضي مرحلة من حياتها لتعود مرة أخرى إلى المياه العذبة لتتكاثر من جديد، (والسلمون ليس الوحيد الذي يعيش بهذه الطريقة ، فالحفش مثلا ًيعيش بنفس الطريقة أيضا ُ) لكن هذا السلوك يبقى نادر جداً.
كيف تتم عملية التكاثر (الطبيعية)؟
في فصل الخريف تجتمع الإناث والذكور في النهر الذي ولدوا فيه، ومن ثم تقوم الإناث بالحفر في قاع النهر لتضع الآلاف من البيوض فيها، وعندها يأتي ذكر واحد أو أكثر من ذكور سمك السلمون ليلقح البيوض بالسائل الخاص، وبعد إتمام مرحلة التلقيح تعود الإناث لتغطي البيوض لحمايتها. بعد انتهاء المهمة التي عادوا من أجلها تنتهي حياة هذه الأسمال سريعا ً.
لكن هناك بعض أنواع سمك السلمون (سلمون المحيط الأطلسي) قادرة على العودة للبحر مرة أو مرتين وذلك بعد التكاثر.
ويعتبر فصل الربيع هو الوقت المناسب لتفريخ صغار سمك السلمون، وذلك مرتبط بدرجة حرارة المياه، فالمياه الحارة تسرّع في نموها (عادة عملية التفريخ تحتاج حوالي مئة يوم تقريبا ً)، وتبقى صغار السلمون مختبأة عدة أسابيع داخل الحفرة الموجودة في النهر، بينما تتغذى من المح ( السائل المحيط بها داخل البيضة، فهو غلاف يساعد على حفظ الغذاء حتى يحين الوقت المناسب الذي تستطيع فيه صغار السمك التأقلم مع محيطها، وبالتالي تأمين غذاءها بنفسها).
عند انتهاء الغذاء الموجود لديها، تهجر صغار السلمون الحماية التي تقدمها لها الحصى، لتبحث في النهر عن الغذاء الذي ستواصل معه نموها (يرقات ،يُسروع وغيرها)، وأولئك الذين استطاعوا البقاء على قيد الحياة ( يقدر أن نسبة واحد في الألف فقط من البيوض تعطي أسماك بالغة) سيمضون من سنة إلى ثلاث سنوات في المياه العذبة حتى يصل طول الواحدة منهم من 10 إلى 20 سم، وعندها يكون لديهم القدرة على مواجهة مياه المحيط .
كيف يستطيع سمك السلمون العيش في المياه العذبة والمياه المالحة؟
هذه من الميزات الفريدة من نوعها التي تتمتع بها السلمونيات أي أنها تمتلك مجموعة من الأعضاء التي تتحول، وتسمح بالتالي للأسماك بتغيير محيطها الذي تعيش فيه. لكن ألا يمكننا التسآؤل لماذا تترك هذه الأسماك النهرَ الذي ولدت فيه؟ لأن الغذاء يتوفر بكثرة في البحار التي ستمضي فيها الأسماك البالغة من سنتين إلى أربع سنوات من حياتها، وهي الفترة التي سيزداد فيها حجمها وتصبح قادرة على مواجهة المخاطر والمتاعب في رحلة العودة.
من المهم ملاحظة أن السلمون قد يمتلك أداة توجيه حقيقية (GPS) و التي تسمح له بالتنقل باستخدام الحقل المغناطيسي للأرض.
هل سمك السلمون في خطر؟
ينبغي إعادة صياغة هذا السؤال على النحو التالي: هل سمك السلمون البري مهدد بالانقراض؟
والجواب بسيط و مثير للقلق: نعم!
السبب الرئيسي لهذا الانهيار في أعداد أسماك السلمون هو تغيُر الأنهار و خاصة ً إنشاء السدود التي تعيق عودتهم إلى أماكن ولادتهم، مع العلم بأن معظم الأنهار ملوثة بشكل خطير (انظر الملف المتعلق بالمياه).
لكن التلوث لا يقف فقط عند المياه العذبة، و لكنه يتعدى ذلك ليصل إلى المحيطات أيضا ً. و يمكننا أيضا ً توجيه أصابع الاتهام للصيد الجائر فهو لا يهاجم فقط سمك السلمون، وإنما أيضاً أنواع الأسماك الأخرى التي يتغذى عليها سمك السلمون.
و ضمن قائمة طويلة من التهديدات العديدة التي يتعرض لها سمك السلمون، تأتي التربية الصناعية في المراتب الأولى، لأنها تنشر في الطبيعة الأمراض و الطفرات الجينية ( فالعديد من الحيوانات الناتجة عن هذه التربية الصناعية تهرب كل عام) و الآثار التي تهدد الأنواع البرية منها لا يمكن التنبؤ بها.
بعض المعلومات ن التربية الصناعية:
نتيجة الانخفاض الحاد في أعداد أسماك السلمون البرية، تم إنشاء مزارع لتربية الأسماك، الأمر الذي يعد إيجابيا ً من حيث المبدأ، لكن التطبيق العملي أثبت أن هذه الطريقة تؤثر على البيئة بشكل كبير. لماذا؟
لأن هذه الأسماك تحتاج بالطبع إلى طعام.... و وراء هذه الحقيقة البسيطة يختفي أمر ٌ مرعبٌ حقا ً، ألا وهو: كيف يمكننا إطعام هذه الملايين من الأسماك؟ الجواب: من خلال الصيد الصناعي لأعداد أخرى من الأسماك و الذي يؤدي إلى النتائج التالية: أولا ً: تناقص كبير في أعداد الأسماك التي يتم اصطيادها صناعيا ً. ثانيا ً: نقص في غذاء الحيوانات التي تحتاج لهذه الأسماك للعيش. و لأخذ فكرة عن الكميات التي يتم اصطيادها، فإن المختصين يقدرون أننا بحاجة لعشرة كيلوغرامات من الأسماك (تستخدم كغذاء) لكي تتمكن سمكة سلمون تُربي صناعيا من الحصول على كيلو غرام واحد.
لكن هذا ليس كل شيء.....
في الطبيعة، لا يوجد اكتظاظ في أعداد أسماك السلمون البرية، و كل فرد له مساحة وسعة للعيش ف المحيط الكبير، لكن الأمر معاكس لذلك تماما ً في مزارع تربية الأسماك، حيث يتم تكديس العشرات بل المئات من الأسماك في مساحات صغيرة. هذا الاختلاط يهيئ الفرصة لظهور عدد من الأمراض التي يتم معالجتها باستخدام الطب الوقائي (حيث يتم خلط المضادات الحيوية مع الغذاء)، و بالرغم من هذه القائمة من الأدوية المستعملة إلا أن أحد أنواع الطفيليات و المسمى (ليبوتيروس السلمون أو قملة البحر) و التي تتسبب يقتل 20% من الأسماك.
لكن هذا ليس كل شيء....
أسيرة، محرومة من نظام غذائها الطبيعي، معالجة بكل أنواع المضادات الحيوية، تعاني اسماك السلمون المرباة في المزارع إلى نوع آخر من " العلاج" آلا وهو الملونات التي تعطى لها مع الطعام لكي يكتسب لحمها لونا ًيتماشى مع الحاجات التجارية.
في الختام:
إن دورة حياة و تكاثر سمك السلمون عرضة بشكل خاص للدمار بسبب تخريب الإنسان "الحديث" للبيئة، ويقدر الخبراء أنه ومنذ عام 1970 اختفى ما لا يقل عن نصف مجموعات السلمون البرية.
كما أن مزارع التربية ليست الحل الملائم لحفظ الأسماك، لأن هدفها الوحيد هو التجارة، وأن تربية الأحياء المائية لها أثر بيئي سلبي، وخاصة على سمك السلمون البري.
إن ترميم الأنهار، ووضع حد لتلوث المياه، وتدمير البيئة الحيوية ( دون التكلم عن الصيد الجائر وغيرها من الإهانات) لاغنى عنهم ليس فقط لبقاء السلمون البري على قيد الحياة، لكن للحفاظ على التنوع البيولوجي ومصلحة الإنسان الحيوية بوجوده (انظر الملف الخاص بالأنهار).
لرؤية الرسوم المتحركة الخاصة بالسلمون، انقر هنا
للمشاركة باللعبة الخاصة بالسلمون، انقر هنا
لاختبار معلوماتكم حول سمك السلمون، انقر هنا
© CyberDodo Productions Ltd.