سايبردودو و الأسمدة (1-12)

مشاهدات 12438

إضافة الى التفضيلات

تصنيف

هي المواد التي يستخدمها الإنسان في الزراعة لمساعدة المحصول على النمو بالشكل الأمثل. و تعود هذه العادات إلى مئات الملايين من السنين منذ أن تحول الإنسان من حياة الترحال إلى الاستقرار في مكان معين و بدأ في زراعة البذور للحصول على الغذاء.

إن مراقبة نمو المزروعات من جيل لآخر، لفت انتباه الإنسان إلى أن مجموعة من المواد يمكن أن يكون لها آثارا ً إيجابية على نمو المحصول و أن ذلك يتعلق بعدة عوامل منها: المناخ، و نوع التربة، ...

لذا قام الإنسان القديم بعدد من التجارب التي كانت تتسم بالدقة و التجريب، و استخدم أجدادنا: الأعشاب الضارة (كما نسميها في وقتنا الحالي)، الرماد، مخلفات الإنسان و الحيوان، العظام، الدم، الطمي، ...و غيرها. و كان الهدف من هذه التجارب هو التوصل إلى تحديد نوع البذور المناسب للنمو في التربة مع الأخذ بعين الاعتبار نسبة الأمطار و توافر أشعة الشمس، أما الأسمدة القديمة فلم تكن إلا عنصرا ً مساعدا ً. و بعبارة أخرى، لم يفكر أحد، منذ عدّة ملايين سنة، بزراعة الذُرة في منطقة تعاني من الجفاف...(سنعود لهذا الموضوع لاحقا ً).

لكن عمليات تطوير الأسمدة الصناعية في القرن التاسع عشر غيّرت كل شيء، لأنها سمحت بتطوير أسمدة مركزة تحتوي على مُركّبات مُختلفة منها (مجتمعة أو بشكل منفرد): الآزوت، الفسفور، البوتاسيوم، الكبريت، الزنك، الكالسيوم، المغنيزيوم، المنغنيز، الفضة، البورون، الكوبالت.

و بالطبع لا بد من التنويه إلى أن هذه المُركّبات تُعتبر هامة جدا ً لنمو النباتات (كل بحسب المواصفات الخاصة بها) لكن النباتات و خلال عدة ملايين سنة كانت تجدها في البيئة التي تنمو فيها دون الحاجة إلى تدخل العنصر البشري.

هل هناك أي خطر من الأسمدة؟

لا بد من طرح هذا السؤال بصورة مفصلة أكثر لكي نتمكن من تحديد عدة إجابات تفي بالغرض. و لا بد من البدء بتحديد: عن أي أسمدة نتحدث؟ هل نتحدث عن الأسمدة المكونة من خليط مُحضّر مع كثير من الصبر من قبل أمّنا الطبيعة و يتم استخدامه من قبل مزارع يحترم عمله ؟ أم عن أسمدة مصنعة من الآزوت أو الفوسفات و يتم استخدامها بدون قيود و مسؤولة عن تلوت المياه الجوفية؟

و الجواب العقلاني حول خطورة الأسمدة لا بد أن يكون التالي: إن الاستخدام العقلاني للأسمدة لنمو البذور المتأقلمة مع أماكن زراعتها يعتبر أمرا ً متوافقا ً مع احترام الإنسان و الطبيعة.

و لنحاول تفسير النقاط الواردة في هذا الجواب بشكل تفصيلي: ينتج عن "الاستخدام عقلاني" منع كل أنواع الإنتاج المكثّف، لأن جميع المختصين يُجمعون على استحالة إطعام 9 مليارات نسمة بحلول عام 2050 دون استخدام الأسمدة. لكن هل يعتبر هذا سببا ً لاستخدامها بدون حدود؟ و ما هو نوع الأسمدة التي تحترم الطبيعة؟ كيف يمكن تبرير التلويث الحاصل لإنتاج محصول عام واحد مع العلم أن هذا التلوث يبقى لأكثر من عشرة أعوام؟ تحديد الكميات المستخدمة من الأسمدة لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار الآثار الناتجة عنها على المدى القصير، المتوسط، و الطويل على الإنسان و على الطبيعة.

بالرغم من اعتبار الأسمدة بمثابة تطور علمي هام بقدر ما تحولت هذه الأسمدة إلى خطر يهدد الطبيعة.

أما عبارة "الأسمدة المتأقلمة مع أماكن زراعتها" فهذا يتضمن عدم إجبار التربة على تربية بذور لا تتأقلم معها (لمجرد رغبتنا بإنتاج أي محصول في أي مكان). لذا نجد هنا مصطلح "زراعة عقلانية" و الذي يحتوي: من جهة، قبول مفهوم المردودية الاقتصادية للمشاريع الزراعية، خاصة و أنه يحق لكل إنسان أن يعيش من نتاج عمله، و من جهة أخرى، ضرورة رفض النتائج السلبية على البيئة.

و بالحالات المثالية لا بد من التحدث عن الزراعة الطبيعية الصديقة للبيئة و التي ترفض الاستعانة بأي شكل من أشكال المنتجات الكيميائية، أو المعدلة وراثيا ً دون أن ننسى الاعتداء الصارخ على الطبيعة و المتمثل بالمبيدات الكيميائية http://ar.cyberdodo.com/files/cyberdodo-and-pesticides/ التي تستخدمها المشاريع الزراعية الصناعية، و التي تنتج أضراراً يصعب إزالتها. لذا يبدو من الصعب التحول للزراعة الطبيعية بشك كامل دون المرور، و بشكل مرحلي، بمرحلة "الزراعة العقلانية".

إن عدم الرغبة على إجبار التربة على إنتاج أي محصول في أي مكان، ما هو إلا تعبير عن احترام عملية الانتقاء الطبيعية و التي تمكنت خلال عدة ملايين من السنين من اختيار نوع محدد من النبات للنمو في مكان معين بحسب إمكانيات هذا المكان و الظروف المحيطة به. و إن نسيان هذه الحقيقة يبعدنا تماما ً عن حقيقة التنوع البيئي و عن حقيقة الروابط التي تجمع بين الكائنات الحية.

و لا بد من ختام هذا الفقرة حول خطورة الأسمدة من خلال التأكيد على "احترام الإنسان و البيئة" لأنه من غير المقبول إلقاء ملايين الأطنان من المنتجات الكيمائية في الطبيعة مع آثارها السلبية، بالأحرى آثارها المدمرة، على صحة الإنسان و للطبيعة. و للتذكرة، المادة 6 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل تنص على "كل طفل له الحق بالحياة و يتوجب على كل دولة أن تسهر على نموه و حاجاته".

لا بد من الانتقال للحديث عن التلوث الذي تحدثه هذه الأسمدة في القسم الأخير من الملف.

احترام الطبيعة يجب أن يكون أحد الشروط الواجب توفرها من أجل استخدام أي نوع من الأسمدة.

ما هي نتائج الاستخدام الخاطئ للأسمدة الكيميائية:

تلويث المياه بنترات الآزوت (مُركب كيميائي):

إن اللجوء المكثّف و الاستخدام الجائر للأسمدة الآزوتية منذ عدة قرون سبب تلوث المياه الجوفية بشكل كبير. و تزداد المشكلة تعقيداً إذا أخذنا بالحسبان الوقت اللازم لكي تهاجر فيه هذا النترات عبر التربة و تصل لمخازن المياه الجوفية الموجودة تحت الأرض. و لغاية الآن لم يستطع العلماء تحديد آثارها بدقة (سرطان، ...).

تلويث المياه بالفوسفات:

و لزيادة المشكلة الحاصلة من النترات، تساهم جزيئات الفوسفات و بشكل كبير في ظاهرة تجميع البقايا العضوية العفنة في المياه. هذا المصطلح المعقد يصف التحولات الحاصلة في الوسط المائي. ففي حالة الأسمدة، يتسبب رميها في الأنهار، البحيرات، البحار بزيادة نسبة النترات و الفوسفات بشكل كبير و التي تشكل مصدرا ً لتغذية الأشنيات المائية و التي تنمو بشكل مفرط و تتسبب و بشكل تدريجي بخنق النظام البيئي.

إفقار التربة و التنوع الحيوي:

إن الإثراء الصناعي للتربة يحفز نمو نوع معين من النباتات، ومن ثم نوع محدد من الحيوانات، و بالتالي خسارة كبيرة للتنوع البيئي. إن عمليات المكننة، الاستثمار الجائر، و عدم إزالة الأعشاب الضارة، يضاعف من مخاطر إفقار التربة ، دون أن ننسى أن هذه التربة تلعب دورا ً هاما ً كعازل بين ما هو "فوق" وما هو "تحت" خاصة فيما يتعلق بجريان المياه و بالمواسم الزراعية.

يجب ألا ننسى أن الطبيعة احتاجت لملايين السنين لكي تكون بصورتها الحالية، و أننا لا نملك الحق، و فقط خلال عدة عقود، ب"حرق" هذه الإمكانيات التي تم رعايتها بصبر كبير. كما أنه لا يوجد أي حل "سحري" لجعل هذه الأرض تنتج أضعاف ما هي قادرة على إنتاجه "طبيعيا ً".

لا بد أن تحصل أجيال المستقبل على الغذاء أيضا ً...

لرؤية الرسوم المتحركة الخاصة بالأسمدة، انقر هنا

للمشاركة باللعبة الخاصة بالأسمدة، انقر هنا

لاختبار معلوماتكم حول الأسمدة، انقر هنا

© CyberDodo Productions Ltd.