سايبردودو و الخفافيش (1-29)

مشاهدات 13818

إضافة الى التفضيلات

تصنيف

في الواقع لدينا ثلاثة أعضاء، المرسل و المستقبل، و محلل الشيفرة. يتم إرسال الموجات الفوق صوتية (من 10 كيلو هرتز و لغاية 120 كيلوهرتز) من خلال الفم أو الأنف بحسب الفصيلة، و يتم إلتقاطها من خلال الأذن. و هنا يتدخل العضو الثالث (محلل الشيفرة) و هو المخ و الذي يقوم بتحليل المعلومات المستقبلة بأجزاء من الثانية و يسمح بالتالي للخفاش (بالرؤية) بالليل.

و بالرغم من أن الإنسان توصل إلى تقليد الخفافيش و اختراع الرادار في القرن العشرين، إلا أنه بعيد تماماً عن تصغير حجم هذه الرادارات إلى حجم الخفافيش حيث تملك الخفافيش الصغيرة و التي لا يتجاوز وزنها 5 غرامات رادارات خاصة بها.

و لفهم مدى أهمية نظام تحديد الموقع بالصدى، لا بد من إدراك حقيقة كون الخفافيش قادرة على رؤية شعرة صغيرة في ظلام دامس على بعد عدة أمتار.

تحديد الموقع بالصدى، إحدى معجزات الطبيعة

كيف يتكاثر الخفاش؟

في البلدان الباردة، تضطر الخفافيش إلى السبات الشتوي خلال فترة البرد. مما يتطلب أن تقوم الأنثى، التي تزاوجت خلال فترة الخريف، بالاحتفاظ بالنطاف الذكرية خلال فترة الشتاء ضمن جهازها التكاثري. أما الإباضة فلا تتم إلا في مرحلة الربيع عندما تجتمع العوامل الجوية المساعدة على تربية الصغار.

يتم بلوغ سن التزاوج لدى الخفافيش بين السنة الأولى و الثالثة، بحسب الفصائل، و تتراوح فترة الحمل بين 2 إلى 3 أشهر و قد تصل إلى 8 أشهر أحيانا ً، و تضع الإناث عادة مولودا ً واحدا ً و في بعض الأحيان اثنين. كما أنها تقوم بإرضاع صغارها.

ما هي مدة حياة (تعمير) الخفافيش ؟

تختلف مدى تعمير الخفافيش بحسب النوع، لكن من الممكن أن تتراوح بين ال20 و ال30 عاما ً.

لماذا تلجأ بعض أنواع الخفافيش إلى السبات الشتوي؟

بكل بساطة لأنها لا تجد طعاما ً كافيا ً خلال فترة الشتاء مع انخفاض درجات الحرارة. فالحشرات التي تعيش في المناطق المعتدلة تدخل في حال اكتنان شتوي (فتور الحياة شتاء ً في النبات و في بعض أجناس الحيوان و الحشرات).

و بعبارة أخرى بإمكاننا القول أن الحياة تصبح بطيئة !

لكن كيف يحدث ذلك بالفعل؟

ينخفض عدد دقات القلب من عدة مئات من النبضات في الدقيقة إلى عدة عشرات فقط، حرارة الجسم تنخفض لتصبح حوالي عدة درجات مئوية، تنخفض نسبة التنفس لدرجة الإنعدام، و يتوقف الجسم تماما ً عن الحركة.

و لكي تتمكن من البقاء عدة أشهر بدون حراك، تقوم بالتعلق بشكل مقلوب واضعة رأسها للأسفل، و تتمسك بدون أي جهد بواسطة مخالبها التي تنغلق على نفسها بفعل ثقل الجسم.

و لضمان نجاح عملية السبات الشتوي، أي الاستيقاظ بكل حيوية في الربيع، لا بد من توفر عدة عوامل مجتمعة: منها الغذاء الكافي لكي تتمكن من اكتناز كميات كافية من الشحوم، بالإضافة إلى استخدام مكان آمن ذو نوعية جيدة، كالكهوف، أو المناجم، أو جذوع الأشجار الكبيرة، على أن تكون هادئة مع حرارة و رطوبة ثابتة قدر الإمكان.

الاطمئنان...يعتبر من التحديات التي يصعب تحقيقها.

لأن الشروط المطلوب توافرها لكي تتمكن الخفافيش من إكمال فترة سباتها الشتوي لا تتناسب مع احترام الإنسان للطبيعة. كما أن التخريب الذي لحق البيئة تصل آثاره و بشكل كبير إلى الخفافيش.

كما هو الحال بالنسبة للكائنات الأخرى، فإن الخفافيش تعاني من اختفاء أماكن عيشها (و نقول الأماكن لأنها تغير مكان عيشها بحسب الفصول و النشاط الذي ترغب بممارسته)، ومن الاستخدام الجائر للمواد الكيماوية في الزراعة، المنازل الخشبية، ومن تناقص مصادر غذائها (الحشرات التي يتم القضاء عليها بالمبيدات). بالإضافة إلى احتلال أراضيها من قبل الإنسان و الإزعاجات التي يسببها (ضجيج، أضواء، حوادث مرورية، و غيرها...) و حتى الحيوانات الأليفة ( حيث تعتبر القطط من أهم مفترسي الخفافيش).

إذ تبقى الخفافيش في مختلف مراحل حياتها حساسة تجاه نشاطات الإنسان و العديد من أنواعها مهد بالانقراض.

لماذا يتوجب علينا حماية الخفافيش؟

يحتل هذا السؤال أهمية كبيرة، لأنه بالرغم من حماية الخفافيش من خلال الاتفاقيات الدولية (مثل اتفاقية بيرن و اتفاقية بون)، مازال بعض الأشخاص يعتقدون أنها مخيفة و يعمدون إلى طردها من أعشاشها، لا بل تدميرها، في بعض الأحيان، عندما يكتشفونها في منازلهم (كهف المنزل، أو العُليّة أو المرآب).

و لا بد من الاعتراف أن الأساطير لتي تتحدث عن الخفافيش لا تعطي أبدا ً صورة جميلة عن هذه الكائنات (مثل: دراكولا، و غيره) وكون بعض أنواع الخفافيش تتغذى فعلا ً على الدم ساعد في تقوية هذا الاعتقاد. بالمقابل تعطي بعض الشخصيات كالبطل باتمان صورة مهمة عن صفاتها الجيدة.

إذ لا يجب أن ننسى أن لها العديد من الصفات الحسنة.

هل تعلمون أن خفاشا ً صغيرا ً يعتبر قادرا ً على أكل مئات الناموس في ليلة واحدة؟ و هو ما فهمته جامعة فلوريدا، و الموجودة في منطقة جينسفيل (http://www.ufl.edu/) لذا قامت ببناء (منزل الخفافيش) في عام 1991 بهدف القضاء على الناموس بطريقة تتوافق مع قوانين الطبيعة.

تجاوز نجاح هذه التجربة كل التوقعات مع ما يقارب 200.000 خفاش و بفعالية عالية ضد الناموس ساعدت على التخلي عن كل المبيدات الكيماوية. لكن للأسف، فعدد سكان هذا المنزل من الخفافيش تجاوز إمكانية التحمل للمنزل و بالتالي فإن منزل الخفافيش التابع لهذه الجامعة انهار في شهر آب من عام 2009.

و لحسن الحظ فقد تم إعادة بناء المنزل قبل نهاية عام 2009 و عادت الخفافيش لتسكن فيه.

هل يتوجب علينا الخوف من الخفافيش؟

لا بد أنكم تسمعون و تقرؤون الكثير من المعلومات الخيالية عن الخفافيش، بأنها تشرب الدم، و أنها خطيرة جدا ً، و أنها تتمسك بشعر الرأس، و أنها تنقل أمراضاً عديدة. و غير ذلك...

فهل هي كذلك حقا ً؟ في البداية، كما رأينا في هذا الملف فإن أنواعا ً ثلاثة فقط من الخفافيش تتغذى على الدم و هي تعيش في أمريكا الجنوبية، و لا تهاجم الإنسان إلا نادرا ً. و الخفافيش ليست خطيرة بشكل عام و لا تحاول التعلق بشعر الرأس، و عندما تحوم حول رؤوسنا، فهذا يعود لأننا محاطين (بل مهاجمين) من قبل الناموس و بالتالي فإن ما تقوم به هو منقذ لنا و ليس العكس.

أما بالنسبة للأمراض المعدية التي تنقلها هذه الخفافيش، فهذا أمر قد يحدث من قبل بعض الأنواع التي يمكن أن تحمل داء الكلب، و بإمكاننا حماية أنفسنا ضد هذه الخفافيش المريضة، بكل سهولة، كل ما في الأمر أنه يجب الامتناع عن الاقتراب من أحد الخفافيش إذا كان على الأرض لأنها في هذه الحالة تكون مريضة و بالتالي يجب الامتناع تماما ً من الاقتراب منها أو لمسها.

خاتمة

في الختام فنحاول من خلال هذا الملف، أن نفهم أهمية الخفافيش من أجل التنوع البيئي و لحياة الإنسان، و أنه يتحتم على كل منا حمايتها. لكن كيف؟

من خال تصرفات بسيطة، كأن نترك لها حرية الدخول إلى الأماكن التي تفضلها، بالإمتناع عن إزعاجها عندما تكون خلال فترة السبات (فاستيقاظ الخفاش و هو في هذه الحالة من الممكن أن يؤدي إلى موته)، باحترام الغابات، سواقي المياه، بعدم بناء المنازل الاسمنتية في كل مكان، بعدم استخدام الإنارة إلا عند الحاجة لها، بعدم استخدام الأدوية الكيماوية التي تقتل الحشرات و تقتلنا، و باختصار: من خلال الحفاظ على تصرفات مسؤولة لكي تتمكن الأجيال المستقبلية من التمتع بكوكب قابل للعيش فيه.


الخفافيش و الإنسان = دائما ً نفس الصراع، صراع الحياة، صراع سايبردودو المدافع عن الحياة !

لرؤية الرسوم المتحركة الخاصة بالخفافيش، انقر هنا

للمشاركة باللعبة الخاصة بالخفافيش، انقر هنا

لاختبار معلوماتكم حول الخفافيش، انقر هنا

لماذا بدأنا الملف بهذا السؤال؟ لأن عدد أنواعها يتجاوز الألف، مما يسمح لها، مع هذا التنوع الكبير، من التواجد في كل مكان على سطح الكرة الأرضية. هذا التنوع لدى الخفافيش لا يمكن شرحه من خلال ملف واحد و إنما هو بحاجة إلى عدة كتب للحديث عنه.

فلنحاول دراسة ما الذي يجمع بين هذه الأنواع المختلفة من الخفافيش: هي من الثدييات الأكثر عددا ً بعد القوارض، حيث تنقسم الخفافيش إلى مجموعتين رئيسيتين: الخفافيش الصغيرة و الخفافيش الكبيرة. (صغيرة) و (كبيرة) بإمكاننا من خلال هذه التسمية أن نستنتج و بسهولة أن الخفافيش الصغيرة تنتمي للمجموعة الأولى و أن الخفافيش الكبيرة تنتمي للمجموعة الثانية. و هذا صحيح بشكل عام مع أنه يمكن ملاحظة أن أكبر خفافيش المجموعة الأولى يفوق في حجمه أصغر خفافيش المجموعة الثانية !

هل هذا واضح؟

لا بد من التذكير بالخصائص التي تجمع بين أفراد مجموعة (الخفافيش الصغيرة): فهي تتغذى على الحشرات، أو على الحيوانات الصغيرة، و تحدد اتجاهاتها بفضل رادارها الصوتي أو ما يسمى بتحديد الموقع بالصدى (سوف نتحدث عنه لاحقا ً في هذا الملف)، و هي لا تملك أية مخالب على أطرافها الأمامية، كما أن لأذنيها شكل خاص. و لابد من التذكير، أن 3 أنواع من فصيلة ( الخفافيش الصغيرة) يتم تصنيفها بين الخفافيش مصاصة الدماء لكون الدم أحد أهم عناصر غذائها. و الحجم الوسطي يبلغ حوالي العشر سنتيمترات و يتراوح ذلك من (الأصغر حجما ً أي حوالي ال5 سنتيمتر إلى الأكبر حجما ً أي حوالي ال 15 سنتيمتر). و يتواجد حوالي ال800 نوع في هذه الفصيلة.

تتغذى خفافيش الفصيلة الثانية (و هي فصيلة الخفافيش الكبيرة) على الفواكه بشكل عام و تعيش في البلدان الحارة ( أفريقيا، آسيا و استراليا). و البعض منها يستحق بالفعل صفة الضخم لأن مدى جناحيها يتجاوز ال150 سنتيمتر و وزنها يبلغ حوالي 1.5 كيلو غرام. في حين أن أخف افراد هذه الفصيلة لا يتجاوز مدى جناحيه ال 15 سنتيمتر و له وزن الريشة أي حوالي 5 غرامات. و يتواجد حوالي ال 200 نوع في هذه الفصيلة.

لذا بإمكاننا التصديق أن كلمة التنوع تم ابتكارها لوصف الخفافيش.

عضو من فصيلة الخفافيش الصغيرة

ما هي الخصائص الموحدة لدى مختلف الأنواع من الخفافيش؟

بإمكاننا البدء مع قدرتهم على الطيران، فالخفافيش هي الثدييات الوحيدة القادرة على الطيران و بمهارات عالية توازي أفضل الطيارين. لذا لا بد من التذكير بأهمية شكل أجسامها و الذي يعتبر فريدا ً من نوعه، كما أن جناحيها ليست مكسوة بالريش كما هي الحال عند الطيور و إنما مكونة من غشاء لحمي (يدعى غشاء الجناح).

هذا الغشاء يمتد على طول جسم الخفاش (كما هو الحال لدى أبطال القصص) و يصل لغاية ذراعيه الجانبيتان و اللتان اكتسبتا حجما ً كبيرا ً. هذه التجهيزات الفريدة أكسبت الخفافيش حرية الطيران في مجال رائع (ملاحظة: مجال الطيران بالنسبة للطائرة يعني المساحة التي يمكن للطائرة الطيران فيها بكل آمان. من حيث الارتفاع، السرعة، المناورات، و غيرها...). و لا يمكن للخفافيش أن تغار من الطائرات الحوّامة لمقدرتها على ممارسة الطيران البطيء و التحويم في نفس المكان. أما الطيران البهلواني فلا تخفى عليها أسراره أبدا ً.

من الخصائص المميزة لهذه الحيوانات أيضا ًهو نشاطها خلال فترة الليل و الغسق. لكن كيف تستطيع هذه الحيوانات إيجاد غذاءها؟ لا بد من التمييز بين فصيلتي الخفافيش: الخفافيش الصغيرة و الخفافيش الكبيرة و اللتين طورتا استراتيجيات مختلفة لهذا الغرض:فالخفافيش الكبيرة تجد طريقها بفضل حاسة الرؤية و الشم كما هو الحال لدى العديد من الحيوانات.

أما الخفافيش الصغيرة فهي تتمتع بخاصية منحتها إياها الطبيعة و التي لم يتمكن الإنسان من تقليدها إلا في القرن العشرين: إنها نظام تحديد الموقع بالصدى (أو الرادار). لكن ما هو هذا النظام؟

بإمكاننا الإجابة على هذا السؤال بتخيل السيناريو التالي: خلال الليل المئات من الحشرات و خاصة الناموس تحوم في كل مكان، و الخفافيش تريد التغذي عليها، هل ستستطيع إلتقاطها؟ بالطبع، و بدون أي مشكلة. فلكي تتمكن من تنفيذ ما يعتبره الإنسان عملا ً فذا ً ( بل هو غالباً ما يعتبر فريسة للناموس) فقد استطاعت الخفافيش الصغيرة من استخدام نظام الرادار.

و بعبارة أدق، فإن نظام تحديد الموقع بالصدى (أو الرادار) هو أداة الخفافيش (للرؤية) بفضل الصوت. فهي تصدر باتجاه فريستها موجات صوتية عالية، و التي تعود باتجاه الخفاش بعد ارتطامها بأي شيء يقع أمامها لترسم صورة دقيقة للبيئة المحيطة بها.